الرئيس بهيج بك الخطيب


المولد والنشأة والدراسة

وُلد بهيج بك الخطيب في الريف اللبناني، في قرية شحيم الواقعة في إقليم الخروب، قضاء الشوف، عام 1895. تابع دراسته الابتدائية والثانوية في مدرسة سوق الغرب (قضاء عالية)، والتي كانت تُعد من كبريات المدارس اللبنانية آنذاك. ثم التحق بالدراسة الجامعية في ما كان يُعرف بالكلية الإنجيلية السورية، المعروفة اليوم بالجامعة الأمريكية في بيروت.

تميّز منذ شبابه بشخصيته الهادئة، وعُرف بطموحه السياسي المبكر. كما أتقن أربع لغات: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والتركية، في وقت لم يكن التعليم قد انتشر بعد بهذا الشكل الواسع.


الرئيس بهيج الخطيب: الإداري اللامع والمحافظ التوافقي للسويداء

في عام 1918، انتقل بهيج بك الخطيب إلى دمشق للعمل في المملكة السورية العربية آنذاك، خلال عهد الملك فيصل الأول. وبعد بدء الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، بدأ بالتدرج في مناصب الدولة، نظرًا لخبرته الواسعة وكفاءته الإدارية.

تولى عدة مناصب رفيعة، من أبرزها: قائد شرطة دمشق، ثم محافظ السويداء (أو جبل الدروز كما كان يُسمى في عام 1937)، خلفًا لتوفيق باشا الأطرش، في مرحلة دقيقة، كانت السويداء قد عادت لتوّها إلى السيادة السورية أواخر عام 1936. وقد شهدت تلك الفترة جدلًا واسعًا حول تعيين المحافظين والموظفين، بين مؤيدي تعيين أبناء الجبل، ومؤيدي الحكومة المركزية في دمشق.

تم تعيين بهيج بك الخطيب بصفته شخصية توافقية ذات حنكة سياسية، مدعومًا من كل من دعاة الوحدة وحلفائهم في الكتلة الوطنية من جهة، ومن دعاة الحكم الذاتي من جهة أخرى. نظّم خلال عامه الأول انتخابات تمثيلية لمحافظة السويداء، ثم قدّم استقالته عقب انتهائها.


استقالة الأتاسي، ورئاسة الخطيب، ومرحلة التأزُّم

في عام 1939، اندلعت احتجاجات شعبية في سوريا ضد قانون الأحوال الشخصية، ورفضًا لفصل لواء إسكندرون عن سوريا وضمّه إلى تركيا. أدت هذه الأحداث إلى انتشار القوات الفرنسية-المغربية في دمشق، ودخول البلاد في أزمات سياسية، انتهت باستقالة الرئيس هاشم الأتاسي، وتعطيل العمل بالدستور، بقرار من المفوض الفرنسي.

تشكّلت إثر ذلك حكومة مديرين برئاسة بهيج بك الخطيب، الذي كان يشغل منصب مدير وزارة الداخلية. وقد عُرفت هذه الحكومة بالقوة والانضباط، في ظل غياب مجلس نيابي ورقابة برلمانية. وتم تعيين مديري الوزارات بدلًا من الوزراء المعتادين. لم تضم الحكومة حقيبتي الخارجية والدفاع، لكنها تمتعت بصلاحيات إصدار المراسيم، بشرط تصديق المفوضية الفرنسية.

قوبل تشكيل حكومة الخطيب في البداية بهدوء شعبي نسبي، إلا أنه سرعان ما أُعلن عن إحباط محاولة لاغتياله، من قبل مجموعة في مدينة حماة؛ مما زاد من التوتر السياسي.


العلاقة مع فرنسا الفيشية والنازية

في عام 1940، وبعد سقوط باريس بيد الألمان، بدأت حقبة حكومة فيشي الموالية لهتلر، بقيادة فيليب بيتان. ودخلت سوريا تلقائيًا في هذا الإطار. ورغم ضغوط البريطانيين على حكومة الخطيب لإعلان الانشقاق عن فرنسا الفيشية، إلا أنه رفض الرضوخ، رغم كراهيته للنازية.

ويُذكر أن شريحة واسعة من السوريين آنذاك، كانت تميل نحو ألمانيا، ظنًا بأن هتلر سيساعدهم في إقامة حكومة وطنية حرة في دمشق. غير أن هذه الآمال لم تتحقق. ويُرجح بعض الباحثين أن السبب يعود إلى مراعاة هتلر لمصالح حليفته إيطاليا في شرق المتوسط.


نهاية الحكم

توالت الأحداث المأساوية عام 1940، من أبرزها اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، أحد أبرز قادة الثورة السورية الكبرى، في عيادته بدمشق. وقد نُسبت إلى بعض قادة الكتلة الوطنية، قبل أن يُكشف لاحقًا عن الجناة الحقيقيين.

وفي العام نفسه، عمّ الإضراب العام البلاد، وشهد المواطنون تدهورًا اقتصاديًا حادًا، نتيجة الحرب العالمية الثانية؛ مما زاد من الانتقادات الموجهة لحكومة الخطيب، ووُصفت بعدم الكفاءة، رغم أن الأزمة كانت عالمية. وقد وصفها المؤرخ يوسف الحكيم بأنها "حكومة كفوءة".

قرر المفوض الفرنسي الجنرال بيو حينها تعديل الحكومة أو استبدالها. فعرض المنصب على الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي، الذي اعتذر؛ ثم على أحمد نامي، رئيس الدولة السابق، لكن الأخير فشل في تأليف حكومة، بسبب ضعف الدعم السياسي، خاصةً أنه عاش معظم حياته في بيروت.

وأخيرًا، في 2 نيسان/أبريل 1941، كُلّف خالد العظم، أحد كبار أثرياء دمشق ورئيس غرفتها التجارية، بتشكيل الحكومة، منهياً بذلك فترة رئاسة بهيج بك الخطيب، التي استمرت حتى 3 نيسان/أبريل 1941. ورغم نهاية حكمه، تولّى الخطيب لاحقًا منصب وزير الداخلية مرتين.

في منتصف الستينيات، غادر بهيج بك الخطيب سوريا، وعاد إلى لبنان، حيث أقام إلى أن توفي عام 1981.


ملاحظات

  • النسب: من حيث النسب والقرابة، فإن الرئيس بهيج بك الخطيب هو من أجدادنا، من آل الخطيب القاطنين في شحيم ومزبود، والمنسوبين إلى السادة الأشراف: علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين، عليهم السلام.

  • المراجع: كتبتُ هذا المقال اعتمادًا على مصادر تاريخية منشورة، وعلى ما سمعته من أبناء عمومته الذين عرفوه، دون أي تجميل أو تحيّز بسبب القرابة. وقد استعنت بعدة معلومات منشورة وموثقة، كموسوعة "ويكيبيديا"، بل واستعملت بعض العبارات كما وردت فيها.


في الختام

تحية مني إلى أبناء عمومتنا من عشيرة آل الخطيب، إحدى أكبر عشائر العرب.

أخوكم: أحمد عبد القادر الخطيب
مزبود – لبنان
٧ تموز ٢٠٢٢

تعليقات

الأكثر قراءة على المدونة

لمن يسأل عن سبب إعجابي بصاحب السمو الملكي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إليكم الإجابة في الفيديو التالي:

كلمة الرئيس اللبناني جوزيف عون في القمة العربية، وأبرز ما ورد في زيارته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان